إهانة طفلة يمنية في مدارس الحوثي تفتح ملف التمييز

إهانة طفلة يمنية في مدارس الحوثي تفتح ملف التمييز

 

أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الاحتجاج ضد ميليشيات الحوثي في اليمن، تظهر خلاله طفلة تبكي من إهانة معلمتها بإنزالها على الأرض مقابل أن تحل مكانها ابنة "مشرف حوثي"، ما عده مراقبون تكريساً لثقافة التمايز الاجتماعي في اليمن.

وظهرت الإعلامية اليمنية سحر الخولاني خلال الفيديو المنتشر وهي تتحدث عن تعرض طفلتها للإهانة في إحدى المدارس الأهلية بصنعاء. وظهرت الطفلة ترتدي زيها المدرسي وتبكي بشدة، متهمة معلمتها في مدرسة "فاميلي سكول" الأهلية بصنعاء، بإزاحتها من مقعدها ليحل مكانها ابنة المشرف الحوثي "المداني".

وأضافت الطفلة أنها تعرضت للتعنيف على يد المعلمة بعد تقديم شكوى ضدها إلى إدارة المدرسة فيما عقبت والدتها التي كانت تعمل مذيعة في قناة "سبأ" التلفزيونية الحكومية قبل الانقلاب الحوثي عام 2014، برفضها ما وصفته عنصرية سلطة صنعاء، في إشارة لميليشيات الحوثي، وطالبت في مقطع آخر زعيم الجماعة بأخذ مشرفيه وعناصره.

وأوضحت الطفلة أن زميلاتها هن "بنات المداني"، ما دفع الإعلامية الخولاني إلى توضيح أن المعني هو أحد مشرفي الحوثيين ذوي السلطات المطلقة. وتحدثت في مقاطع متسلسلة عن الحادثة ظهرت خلالها بحالة استياء وغضب لمحاولات إسكاتها من خلال قمعها والاعتداء عليها عندما ذهبت للمدرسة المعنية لتطالب بسحب ملف طفلتها، مؤكدة عدم خوفها من عواقب تلك المطالبات التي تفاعل معها الآلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقولها إن الكرامة خط أحمر لا يمكن التفريط به.

تكريس للتمايز الطبقي

الفيديو أثار غضباً واستياءً واسعين بين رواد منصات التواصل الاجتماعي، وعبّر متداولوه عن استيائهم من التعامل غير الإنساني الذي تعرضت له الطفلة واعتبروا ما حدث تأكيداً جديداً على ما وصفوه بـ"العنصرية السلالية" التي تحاول الميليشيات الحوثية ترسيخها في المجتمع اليمني من خلال التمايز الطبقي بين سلالة متميزة، بحسب "الاصطفاء الإلهي" وآخرين هم أدنى مكانة وطبقة.

وكان اللافت في تفاعل المعلقين حالة الاستياء لما تعرضت له الطفلة التي كان يفترض النأي بها وأقرانها من الشعور بحالة التمايز، وأثارت الحادثة تساؤلات النشطاء والحقوقيين عن هذا السلوك الذي يقسم المجتمع طبقياً ومن داخل المؤسسات التعليمية ومن بينها المدارس الخاصة التي ينصاع بعضها لهذا النهج خشية أذى جماعة الحوثي.

وتقول الناشطة الحقوقية زعفران زايد إن أولياء أمور الطلاب والطالبات في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية يكابدون تحديات كبيرة منها التفضيل السلالي والتحشيد التعبوي الطائفي والمناهج العقائدية التي تخدم المشروع الإيراني.

وأوضحت أن هذه الحادثة "ما هي إلا جزء عابر من ممارسات أخرى خفية ومعلنة منها تكريس الجماعة لقداسة مطلقة وصكوك غفران تمنحها بالنسب والتمييز العرقي والطبقي، ناهيك عن التعبئة الداعية للكراهية والتكفير للمخالفين وتمر باختطاف الطلاب من المدارس بعد رحلة التجنيد العقائدي لتنتهي بمعسكرات تجنيد مسلحة وتكليف الطفل بمهام عسكرية في الجبهات ثم تسليمه لأهله جثة" وفقا لـ"إندبندنت عربية".

بين أقدام الفتيات

وتضيف زعفران زايد "من خلال الممارسة التي بدأت تطبيقها زينبيات الجماعة المؤدلجات (عناصر نسائية تسعى لنشر الفكر الحوثي في أوساط النساء) في فرض التمييز الطبقي تأتي حالة الطفلة التي كشفت عن أبشع ممارسة عنصرية داخل إحدى المدارس الخاصة التي يدفع لها أولياء الأمور مبالغ طائلة لضمان تعليم أطفالهم بعيداً من المدارس التي يتم فيها التجنيد المسلح". 

وتقول إن تصعيد أم الطفلة جاء بعد قهر واضح تحدثت عنه على جميع المستويات المعيشية والحقوقية كباقي الملايين من الناس في مناطق سيطرة الجماعة لإطلاع الرأي العام "بعد أن عادت ابنتها من المدرسة وهي منهارة ومصدومة من تصرف المعلمة التي عمدت إلى إجلاس الطفلة بالأرض لتجد نفسها بين أقدام فتيات أخريات وجدت فيهم المعلمة قدسية الانتماء الطبقي والعرقي وطبقته بصورة عملية".

 وترى أن "الأم البطلة قدمت صورة مصغرة لما وصلت إليه معاناة اليمنيين وكفاحهم في مواجهة هذه الجماعة التي جثمت على صدور أولياء الأمور وتحاول اختطاف حرياتهم وأولادهم وتسحق نفسيات الأطفال وتعنفهم ليكونوا عبيداً راضين ومنقادين لهذه الفكرة الكهنوتية".

معاناة إنسانية

ويشهد اليمن معاناة إنسانية كبيرة منذ أكثر من 9 سنوات نتيجة الحرب المستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء من جهة أخرى، وذلك منذ سبتمبر 2014.

ويسيطر المتمردون على صنعاء ومعظم مناطق الشمال اليمني ومن بينها مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والتي تضم ميناء يعتبر شريان حياة ملايين السكان في مناطق الحوثيين.

وتسببت الحرب في اليمن بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزوح الآلاف في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.

وتسعى الأمم المتحدة إلى وقف دائم لإطلاق النار، من أجل الشروع في إحياء مسار الحوار السياسي المتوقف عملياً منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة في عام 2018.

وبعد أكثر من 9 سنوات من الصراع، ما زال 18.2 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى الدعم، وتشير التقديرات إلى أن 17.6 مليون شخص سيواجهون انعدام الأمن الغذائي خلال عام 2024.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية